الرابطة من اجل الحزب الثوري

4 مارس 2013


بيان رابطة الحزب الثوري

تعقيبا على انفصال الرابطة الاشتراكية الأممية عن رابطة الحزب الثوري

أعلنت الرابطة الاشتراكية الأممية في فلسطين المحتلة – اسرائيل عن قرارها لانهاء خمس سنوات من التعاون المشترك مع رابطة الحزب الثوري. وهو القرار الذي لم يكن مفاجئا بالنسبة لنا.

شهد الأسابيع الاخيرة بدء حوار وجدال حاد بين مجموعتينا. بدأ هذا الجدال حول كيفية مناهضة الثوريين للغزو الامبريالي الفرنسي في مالي, ولكنه سرعان ما توسع ليشمل قضايا أخرى.

وكانت رابطة الحزب الثوري خريصة على تلك النقاشات على امل أن يكون للصبر وتبادل الرفاق للآراء عاملا في اقناع الرابطة الاشتراكية الاممية بوجهة نظرنا. كما تم تعميم كل الوثائق الخاصة بذلك النقاش على كل اعضاء رابطة الحزب الثوري من أجل اتاحة الفرصة للرابطة الاشتراكية الاممية من مخاطبة جميع رفاقنا.

ولعل بيان الرابطة الاشتراكية الأممية الذي اعلنت فيه انفصالها عن العمل معنا يعطي للجمهور مؤشرا عن مدة المقاومة والتعنت الذي واجهناه خلال محاولاتنا الصادقة للنقاش. بما تخللها من التهديد والوعيد والاهانات بالاضافة للعديد من الاتهامات والافتراءات في الوقت الذي لم يقدموا فيه سوى القليل من التبرير السياسي الحقيقي لقرارهم.

صعوبة تقديم الرابطة الاشتراكية الاممية لتفسير سياسي متماسك وحقيقي لانفصالهم أمر مفهوم, فعلى الرعم من أن تصريحاتهم المعلنة لم تتناول ذلك, إلا انه وخلال نقاشنا معهم اشار أغلبية اعضاء الرابطة الاشتراكية الأممية عن عزمهم لتغيير والغاء بعض أهم المبادئ التأسيسية التي قامت عليها مجموعتهم.

ومع ذلك الرد فإننا نريد أن نقدم للقراء ملخص موجز لوجهة نظرنا في انفصال الرابطة الاشتراكية الاممية سواء من منظورنا او من انطلاقا من المبادئ الاساسية التي شكلنها عليها تعاوننا. وسوف نقوم قريبا بنشر تحليل مطول اكثر تعمقا, وذلك لان القضايا التي كانت مصدر جدالنا عليها تستحق أن يتم بحثها ودراستها من قبل جميع الشباب والعمال ذوي الميول الثورية.

مالي والنضال ضد الامبريالية

بدأ الخلاف بين الرابطة الاشتراكية الاممية ورابطة الحوب الثوري في الظهور بالتزامن مع الغزو العسكري الامبريالي الفرنسي في مالي خلال شهر يناير, والذي أصدرت كلا المنظمتين بيانا منفصلا حوله. وعارض كلا التصريحين بوضوح الغزو الفرنسي ودعوا لهزيمته. إلا ان الرابطة الاشتراكية الاممية تتهم رابطة الحزب الثوري بأنها "فشلت في اتخاذ موقف معادي للامبريالية في مالي" حيث أننا "فشلنا في القول صراحة أنه يجب على الثوار الدفاع عن المتمردين الاسلاميين" خلال مقاومتهم للامبريالية. لكن أي ثارئ لبياننا الذي دعا بوضوح لهزيمة الامبريالية الفرنسية والوقوف بجانب كل من في مالي ضد هجماتها سيدرك مدى كذب وادعاء تلك التهم والافتراءات. وعلاوة على ذلك, وحيث أن موقفنا سبب للرابطة الاشتراكية الاممية بعد الخلط, وأيضا بناء على طلب بعض رفاقنا في غرب أفريقيا, فإننا قد نشرنا بعد ذلك توضيحات وتعقيبات من أجل اعادة شرح موقفنا بأبسط العبارات.

في الحقيقة, تبدأ الخلافات بيننا وبين الرابطة الاشتراكية الاممية من واقع ان بيانهم لا يدافع فقط عن المسلحين الاسلاميين في مواجهة الغزو الامبريالي بل انه يدافع ايضا عن وجهة النظر السياسية للاسلاميين. فقد تجاهل بيان الرابطة الاشتراكية الاممية عمدا حقيقة انه في خلال الاشهر العشرة التي حكم فيها الاسلاميين شمال مالي كانوا قد ارتكبوا الكثير من الفظائع امروعة بحق السكان المحليين. وهي الانتهاكات التي تم توثيقها بشكل واسع, بل حتى ان "الشريعة" التي فرضتها جماعة انصار الدين المسلحة في مالي قد تم انتقادها من تنظيم القاعدة باعتبارها ذات فهم متطرف! لكن الرابطة الاشتراكية الأممية ترفض حتى الاعتراف بوقوع هذه الانتهاكات, مشيرة إلى انها مجرد "مزاعم", رغم تحذيرنا لهم بان ذلك يعد من قبل التضليل وعدم الانصاف.

كان تقليل الرابطة الاشتراكية الاممية المشين لجرائم الاسلاميين ليس سوى احد اعراض وجهة النظر الغير ماركسية التي تطرحها للنضال ضد الامبريالية. وكما سنشرح باستفاضة في وثيقة قادمه, فإن بيان الرابطة الاشتراكية الأممية يقترح في الحقيقة تأجيل معركة النضال المستقل للعمال والفقراء ضد مستغليهم المحليين إلى ما بعد النضال ضد الامبريالية بغض النظر عن ظروف الصراع الطبقي في تلك البلاد المضطهدة. مما يطرح في الواقع وجهة نظر مرحلية للنضال ضد الامبريالية في البلدان المقموعة. المرحلة الاولى هي النضال ضد الامبريالية والمرحلة الثانية هي النضال ضد القوى المحلية البرجوازية والتي وصفتها الرابطة الاشتراكية الاممية بانها تمثل مجرد "تهديدا للجماهير".

مثل هذا النهج يمثل تباينا حادا مع استراتيجية الثورة الدائمة لتروتسكي, والتي تدرك الطبيعة المضادة للثورة في برجوازيات كل الدول. وهذا يعني أن النضال ضد الامبريالية لا يمكن له ان ينتصر إلا من خلال ثورة تقودها الطبقة العاملة.

وعلى الرغم من أخطائهم الفادحة في بيانهم الخاص بمالي, إلا اننا لم نتسرع في إدانة الرابطة الاشتراكية الاممية وخصوصا ان تلك الاخطاء تناقض الآراء التي اسسوها وساروا عليها لسنوات طويلة. لذلك سعينا لمواصلة النقاشات مع الرفاق ظننا منا ان ذلك من شانه ان يجعلهم يدركون مدى شرودهم عن المبادئ التي قامت عليها منظمتهم.

إلا أن الرابطة الاشتراكية الأممية أثبتت أنها غير قادرة على الاعتراف حتى باكثر أخطاءها وضوحا. فعلى سبيل المثال, فقد صرح بين ارابطة الاشتراكية الاممية أن موقف "الحزب الفرنسي الجديد لمناهضة الرأسمالية" من التدخل العسكري الامبريالي في مالي ليس بأقل استحقاقا للوم من موقف الحزب الاشتراكي الفرنسي وجبهة اليسار والحزب الشيوعي الداعمين للتدخل العسكري. في الوقت الذي كان "الحزب الفرنسي الجديد لمناهضة الرأسمالية" يرفع شعار "لا للتدخل العسكري في مالي" ورغم ان ذلك لا يعد موقف ثوري تماما حيث أنهم لم يؤيدوا هزيمة القوى الامبريالية, لكنه من الاجحاف ان نلوم من يعارض التدخل العسكري مثلما ما نعارض من يؤيده. ونحن قد أشرنا إلى ان موقف الرابطة الاشتراكية الأممية من شأنه ان يحول دون انضمام الثوار مع مجموعات مثل "الحزب الفرنسي الجديد لمناهضة الرأسمالية" من أجل دعم بناء احتجاج مشترك وواسع ضد التدخل العسكري. إلا أن الرابطة الاشتراكية الأممية رفضت قبول هذه النقطة.

وبدلا من ذلك, تلقينا من الرابطة الاشتراكية الأممية تدفقات مستمرة من الاتهامات باعتبارنا مستسلمين للامبريالية. وحاول يوسي شوارتز وهو عضو بارز في الرابطة الاشتراكية الاممية أن يقوم بالتقليب في ماضي رابطة الحزب الثوري لمحاولة اصطياد ما يبرر به تلك الاتهامات بموائمة الامبريالية. فندد على سبيل المثال بأننا فشلنا في دعم المقاتلين الاسلاميين في افغانستان ضد الغزو السوفيتي عام 1979. لكن هؤلاء المجاهدين كانوا وكلاء للامبريالية الأمريكية وقاموا بشن حب معادية للثورة ضد استصلاح الأراضي وحقوق المرأة وكل علامات التقدم الاجتماعي الأخرى. ونحن لا نعتبر أن أدوات الامبريالية هؤلاء يمثلون أي نوع من أنواع النضال ضد الامبريالية الروسية.

وحينما بدأ رفاق سوارتز في قبول مثل تلك المواقف المشينة تأكد لدينا أن انفصال الرابطة الاشتراكية الاممية من التعاون معنا ليس سوى مسألة وقت. وكانت المفاجأة الوحيدة لنا هي أنهم قبل ان يقوموا بانفصالهم أوضحوا بوعيهم أنهم ينسلخون حتى من مبادئهم التأسيسية.

التحرر الذاتي للطبقة العاملة

عندما اعلننا نحن والرابطة الاشتراكية الأممية عن اولى نقاشاتنا السياسية التي ادت لتعاوننا, شرحنها فيها أن تعاوننا ذلك يعتمد على اتفاقنا حصريا على مبدأين ثوريين رئيسيين:

1- نظرية واستراتيجية الثورة الدائمة. و

2- اتفقانا على المبدأ الماركسي القائل بأن التحرر الذاتي للطبقة العاملة هو الامل الوحيد للاطاحة بالرأسمالية.

واعتمادا على هذين المبدأين فكنا كلانا نرفض فكرة ان اي قوى غير ثورية ستالينية او غيرها سيكون بامكانها القضاء على الرأسمالية. ونرفض الطرح "الأرثوذوكسي التروتسكي" بأن دولة لا تملك صلات مع الطبقة العاملة (باستثناء استغلالهم وقمعهم) يمكن اعتبارها بأي حال دولة عمالية.

في أواخر فبراير, عمم شوارتز وثيقة يعلن فيها أن دراسته النظرية الأخيرة قد كشفت له أن الطبقة العاملة ليست بالضرورة مطالبة بالاطاحة بالرأسمالية أو انشاء دولة عمالية, بل إن الستالينية المعادية للثورة يمكنها تحقيق تلك المهمة التاريخية تدريجيا. وطرح شوارتز هذه الأفكار كنقد لكتاب رابطة الحزب الثوري "حياة وموت الستالينية" لوالتر داوم, إلا أنه بذلك لم يتمكن إلا من التصويب على الوثائق التروتسكية المؤسسة للرابطة الاشتراكية الثورية والطابع الطبقي للدولة الستالينية والثورة الاشتراكية والحزب الطليعي وموقف الرابطة الاشتراكية الأممية من الحرب.

وشوارتز يكون بذلك قد نص على أن الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية والدولة الستالينية الجديدة التي انشأها الجيش السوفيتي والأحزاب الشيوعية تعتبر بالنسبة له دولا عمالية. إلا ان اكتشافه الجديد ذلك, بالاضافة لكونه تنازلا عن مبدا الماركسية بالتحرر الذاتي للطبقة العاملة, قد وضعه في موقف حرج ومتناقض باعتباره الاتحاد السوفيتي في 1979 دولة عمالية, في الوقت الذي يقف فيه مدافعا عن المجاهدين المحاربين لها في افغانستان! شوارتز اعتاد أن تتحول مواقفه بسرعة إلى الدرجة التي لم يشعر فيها بالتناقض الذي وضع فيه نفسه حتى أشرنا نحن إليها.

وكانت رد رابطة الحزب الثوري على التطورات الأخيرة ملخصا في رسالته التي وجهها للرابطة الاشتراكية الأممية التي جاء فيها:

"إننا نعتقد أن الرابطة الاشتراكية الاممية (اعتمادا على برنامجها الثوري الأصلي) لا تزال تستحق عناء القتال من اجلها. لكن مصيرها يقع بين أيدي رفاقها وأعضاءها. ورابطة الحزب الثوري تشعر بالفخر لوقوفها بجانب الرابطة الاشتراكية الأممية خلال بداياتها من اجل بناء نفسها على مبدا التحرر الذاتي. وطالما ظل هناك امل في تمسك الرابطة الاشتراكية الاممية بهذا المبدأ, سنظل مستمرين في أن تكون أولويتنا هي مواصلة النقاش مع الرفاق حول الخلافات السياسية ... "

"وبالطبع, إذا اختار الرفاق في الرابطة الاشتراكية الأممية التخلي عن المبادئ الماركسية التي ظلوا حتى وقت قريب متمسكين بها, فإن رابطة الحزب الثوري ستواصل بذل كل جهدها في للمساهمة في بناء قيادة ماركسية ثورية حقيقية بين العمال والمضطهدين في كل انحاء العالم. كما سنستمر في محاربة ومقاومة كل هؤلاء الذين يقفون في طريق تلك المبادئ ورفض مبدأ التحرر الذاتي للبروليتاريا, بما في ذلك النسخة الجديدة من الرابطة الاشتراكية الاممية إذا لزم الأمر. "

لقد حددت الرابطة الاشتراكية الاممية خيارها.

ففي بيانهم الذي أعلنوا فيه انفصالهم عن التعاون مع رابطة الحزب الثوري, رطنت الرابطة الاشتراكية الأممية بان حاضرنا يجلب العار لماضينا. وككثير من التهم التي أثارتها ضدنا, فإن المتهم هو الجاني.

ستبقى رابطة الحزب الثوري وفيه للمبادئ الثورية التي تأسست عليها. والرابطة الاشتراكية الاممية هي من كسر وخالف تلك المبادئ, إلا أنهم يخجلون من الاعتراف بذلك وخصوصا أنهم لم يقرروا حتى الآن المبادئ البديلة التي يعملون بناء عليها. ونحن نامل أن تقف الرابطة الاشتراكية الاممية مع نفسها لفترة اطول لمراجعة الاتهامات التي يكيلونها لرابطة الحزب الثوري, لكنهم سيكون عليهم قريبا مواجهة أزمة الهوية الخاصة بهم.

انسلاخ الرابطة الاشتراكية الاممية من مبادئهم ليس سوى مآساة صغيرة. فهي تحمل مهمة وضع أسس حزب ثوري في ذلك الجزء من العالم الذي يمكن أن يحدد مصير ملايين من النضالات. إلا تقوم الآن بخيانة تلك المبادئ الآن وكسر تلك الأسس متجاهلة عواقب ما تقوم به.

وستقوم رابطة الحزب الثوري لاحقا بنشر ورقة عمل متوازنة وأكثر عمقا واتساعا حول عملنا مع الرابطة الاشتراكية الاممية. بما في ذلك دراسة موثقة جيدا عن القضايا السياسية التي اثيرت خلال المناقشات التي أجريناها مؤخرا. كما أننا نرحب بأي أسئلة واستفسارات حول هذا البيان من قرائنا.