تلقينا عددا من اسئلة واستفسارات القراء حول بياننا عن الغزو الامبريالي الفرنسي لمالي وخصوصا الجزء الذي نتحدث فيه عن "وقوفنا مدافعين عن كل من يتعرض للهجوم الامبريالي.”
وقد صدم البعض من تلميحنا بأننا سنقف مدافعين عن الرجعية الاسلامية المتطرفة التي حكمت بوحشية بعد استيلاءها على السلطة في شمال مالي.
كما أعرب آخرون عن شكهم بأننا سنقف حتما مدافعين عن الجماعات الاسلامية التي هي محور الهجوم الامبريالي الآن.
لذلك دعونا نكون واضحين تماما: فعندما نصرح بأننا سندافع عن أي أحد يواجه الهجمة الامبريالية, فإننا نعني ذلك, فنحن ضد الغزو الامبريالي في مالي وكل حلفاءه المحليين ونسعى لهزيمتهم, كما أننا نقف مدافعين حتى عن أكثر الجماعات الاسلامية رجعية في مالي مثل أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا بالاضافة لتنظيم القاعدة في المغرب العربي.
وكما أشار البيان, فإننا نتبنى هذا الموقف مع ادراكنا الكامل بالجرائم التي تقوم بها تلك الجماعات ضد شعب شمال مالي عندما كانت السلطة في أيديهم.
إلى أي مدى كان حكم الجماعات الاسلامية وحشيا في الشمال؟
كان سيئا ووحشيا لدرجة أن تنظيم القاعدة نفسه انتقد فهم تلك الجماعات المتطرف للشريعة !
وفي 14 فبراير, ذكرت وكالة الأنباء اسوشيتد برس معلومات عن اكتشاف وثائق في مدينة تمبكتو لقائد تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي أبو مصعب عبد الودود الملقب بعبد الملك دروكديل والتي تركوها ورائهم عندما انسحبت قواتهم من المدينة. تنتقد تلك الوثائق الثوى الاسلامية المحلية لسعيها الحاد والسريع لفرض تصورهم عن الحكم الديني. كما تنتقد رجم الزناة حتى الموت وجلد المشتبه بهم في الجرائم بالاضافة إلى هجماتهم على اضرحة المتصوفة ومنعهم النساء من الخروج والاطفال من اللعب وتفتيش المنازل والسكان.[1]
وانطلاقا من معرفتنا الجيدة بالطبيعة الوحشية الدموية لحكم الجماعات الاسلامية في شمال مالي (مثلهم كالقومين الذين تقاسموا معهم حكم الشمال), كنا واضحين في بياننا الذي صرحنا فيه أنه على الرغم من دفاعنا عن الاسلاميين ضد الهجمة الامبريالية, فإننا لا نعتقد ان الجماهير يجب أن تضحي بمعركتها ضد كل من يقمعونها:
"لكن في الوقت نفسه, ذلك لا يعني أننا ندعو المقموعين لوقف نضالهم ضد قامعيهم المحليين أو التخلي عن فرصة اسقاطهم أو حتى المساومة على قدرتهم للدفاع عن أنفسهم بالتحالف مع قامعيهم المحليين قبل دخول الإمبريالية. وفي الواقع, وعلى الرغم من الغزو الامبريالي, إلا انه وفي حالات محددة تثبت الجماعات الاسلامية المسلحة انهم اخطر على الجماهير, وفي تلك الحالة تقتضى الضرورة من المقموعين الدفاع عن انفسهم ضد أكثر التهديدات خطرا وإلحاحا."
ورغم القسوة والوحشية الدموية التي صاحبت حكم الجماعات الاسلامية في شمال مالي, إلا أنها لا توازي وحشية الامبريالية بأيديها الملطخة بدماء تاريخها الاستعماري في افريقيا والشرق الأوسط والذي يمتد ليشمل حربها المزعومة على الارهاب في عقود ما بعد الاستعمار. ولم تتخلى الطبقة الرأسمالية الحاكمة في فرنسا عن امبراطوريتها السابقة إلا بعد ان فشلت قوتها الدموية في كسر موجة الثورات المناهضة للاستعمار. ولن ننسى أن من بين أحد اكثر الحروب الفرنسية وحشية وقسوة هي التي ارتكبتها الامبريالية الفرنسية في دولة مجاورة لمالي, الجزائر, حيث قتل الاحتلال الفرنسي أكثر من نصف مليون جزائري قبل أن يقرر التخلي عن حكمه الاستعماري المباشر هناك.
والآن, ها هي القوات المسلحة الفرنسية الامبريالية قد عادت لغرب أفريقيا مرة أخرى. وكانت اهدافها العاجلة هي انقاذ النظام العسكري الفاسد الموالي لها في مالي والذي كان على شفا الانهيار بالاضافة لهزيمة التمرد الذي قادته الجماعات الاسلامية في شمال البلاد. فالغزو الفرنسي مهمته ليست كما تدعي حكومته لتحرير الشعب المالي من طغيان الاسلاميين, لكن مهمته الحقيقية هي الحفاظ على الشعب المالي عبدا لمستغليه إلى الأبد. كما أن نجاح الحملة الفرنسية سيعزز من قوة الامبريالية عموما وقدرتها على القصف والغزو ضد أي أنظمة تخرج من تحت نير سيطرتها ونفوذها.
دافع الاشتراكييون الثوريون في السابق عن هزيمة الامبريالية في حربها ضد حركات التحرر المناهضة للاستعمار. يجب أن ندافع عن هزيمة الامبريالية في مالي اليوم, في الوقت نفسه يجب أن نوضح أن العمال والفقراء والجماهير المضطهدة هم فقط الذين يمكنهم حقا خوض المعركة ضد القمع والاستغلال والاطاحة بالنظم الرأسمالية الامبريالية. الثورة الاشتراكية هي البديل الوحيد للهمجية الامبريالية.
1. Rukmini Callimachi, “In Timbuktu, al-Qaeda Left Behind a Manifesto,” February 15, 2013, world.time.com/2013/02/15/in-timbuktu-al-qaeda-left-behind-a-manifesto/.