تعد رابطة الحزب الثوري في الوقت الحالي مجموعة صغيرة من العمال الثوريين بالولايات المتحدة. نسعى من خلال نضالنا المشترك مع زملائنا العمال خلال معاركهم لاثبات أن الثورة الاشتراكية هي طريق القضاء على حياة الاستغلال والقهر في ظل حكم الرأسمالية. وبالتعاون مع عدد قليل من الرفاق حول العالم فإننا نعمل من أجل تحسين شروط نضالنا من أجل الثورة الاشتراكية بإعادة إحياء حزب حقيقي عالمي للثورة الاشتراكية, الأممية الرابعة التي أسسها ليون تروتسكي.
ولمحدودية مواردنا فإننا نركز جهودنا باختيار عدد قليل من بؤر النشاط يزيد فيها احتمالية التواصل مع عمال ذوي وعي ثوري. كما أننا نقضي وقتا طويلا في نشر فهمنا النظري والسياسي لطبيعة الصراع الطبقي. كما اننا وبالأخص في صفحات الثورة البروليتارية قد بعثنا وطورنا الاسلوب الثوري للعمل والنضال في النقابات العمالية بالإضافة لإعادة إحياء المبادئ الأممية اللاعنصرية كما طورنا التحليل الماركسي للستالينية والأسمالية عموما, بالإضافة للعديد من القضايا والأطروحات الأخرى (راجع كتابنا "عشرون عاما للرابطة الإشتراكية الأممية" صفحة 53)
هناك مواجهة حتمية يجب علينا خوضها في ذلك. لقد أصبحنا ماركسيين لأننا أردنا النضال ضد النظام الرأسمالي: لقد أردنا المشاركة والبدء في الصراع ضد كل أنواع الظلم. ولكن يجب علينا أيضا التأكد من أننا نبذل قصارى جهدنا في تجنيد العمال والشباب الأكثر وعيا سياسيا وتقدمية وتدريبهم ككوادر ثورية, لأن هؤلاء الثوار هم القادة خلال المعارك الفاصلة في المستقبل. ولذلك يجب علينا الموازنة بين رغبتنا في الدخول في معارك نضالية وبين أولوية بناء الحزب الثوري.
يتناول هذا المقال المنهج الماركسي في بناء حزب ثوري.
تعلمنا الماركسية أن الرأسمالية تحيا باستغلال وقمع الجماهير. مما يفسر أن دور الطبقة العاملة (البروليتاريا) في الإنتاج يقودها نحو القيام بثورة من أجل الإطاحة بالرأسمالية وبناء مجتمع شيوعي يتمتع بالمساواة والحرية الانسانية.
ولكن ثبت أن مهمة مؤسسين الماركسية في اكتشاف قوانين الرأسمالية أسهل نسبيا من مهمة البروليتاريا في استيعاب هذه الأفكار وتحويلها لثورة. وقد أدرك ماركس وأنجلز أن أهم أداة تحقق ذلك هي منظمة للعمال الشيوعيين تلتزم برفع وعيهم الطبقي على اساس برنامج ثوري واضح. ولكنهم كانوا يأملون أيضا في بناء حزب يشمل كل الطبقة العاملة ويتبنى برنامج ذو نطاق أوسع, ليتمكن العمال من خلاله في جني الخبرة السياسية ويعمل الشيوعيين فيه على اقناع العمال بالمنظور الثوري.
إن تجربة أحزاب الاشتراكية الديموقراطية للطبقة العاملة التي كانت في الأممية الثانية قضت تماما على الفكرة القائلة بأن الطبقة العاملة تطور وعيها الثوري من خلال الأحزاب الواسعة المنفتحة على كل الطبقة بأكلها. فقد جائت هذه الأحزاب معبرة عن مصالح العمال المدربين والمتخصصين, وهي الشريحة التي نمت بشكل كبير بالتوازي مع الاستغلال الامبريالي في المستعمرات وقهر العمال في المدن. وهؤلاء العمال المميزين أو الارستقراطية العمالية راهنت على النظام الرأسمالي على العكس من جماهير العمال. فسياسة قيادات الاصلاحيين للوصول لحلول وسط مع الرأسمالية مثلت خيانة للمصالح الثورية للجماهير من أجل امتيازات مؤقته للعمال الأكثر ارستقراطية. وهذا ثبت بالفعل عندما أيدت معظم أحزاب الأممية الثانية أوطانها الأم في الحرب العالمية الثانية, مرسلة الجماهير لذبح بعضها البعض.
الطبقة العاملة تحتاج إلى حزب يناضل من أجل مصالحها التاريخية. وهذا يعني النضال من أجل مصالح الأكثر اضطهادا واستغلالا, ومقاومة الاصلاحيين وهؤلاء الذن يمثلون مصالح الطبقة المتوسطة. ولهذا يجب أن يكون حزبا دوليا وأمميا, يجسد مصالح وخبرات عمال العالم ضد القوى القومية.
لقد عالج لينين هذا الاحتياج. فقد رأى بمدى الاحتياج لحزب مكون من العمال الأعلى وعيا ثوريا. ويجب أن يكون الحزب الطليعي مدربا ومنضبطا باحكام لكي يتمكن من الاستجابة لالتواءات وانعطافات الصراع الطبقي, ومن مقاومة القمع ولكي يتمكن أيضا من المقاومة السياسية لهؤلاء الذين يسعون لتضليل الطبقة العاملة. وعلى الرغم من أن الحزب الطليعي سيكون محل ثقة جماهير العمال, إلا أن اعضاءه يجب أن يشاركوا زملاءهم العمال في الكفاح كتفا بكتف خلال كل النضالات, ساعيين لرفع وعيهم الثوري. وشدد لينين مرارا على أهمية الطليعة العمالية في قيادة الجماهير:
إن العامل المتردد من الطبقات الدنيا والمتوسطة لن يتمكن من استيعاب الأفكار العامة للصراع الاقتصادي, هذه الأفكار التي لا يمكن أن يستوعبها إلا قلة من العمال المتعلمين الذين سوف تتبعهم الجماهير, مسترشدين بغرائزهم ومصالحهم الفورية المباشرة. (“حول إعلان المبادئ" أعمال مجمعة, مجلد 4 صفحة 291)
بالطبع تصنيف أي العمال متردد وأيهم راديكاليا ليس بشيئا ثابتا. فخبرات الصراع الطبقي تتمكن من تحويل العمال المترددين لراديكاليين, وعمل الحزب الطليعي يمكن أن يساعد الأكثر وعيا ليصبحوا مدربين نظريا.
فكما كتب تروتسكي:
الجماهير ليست متجانسة بأي وسيلة: فهناك الجماهير الثورية, وهناك جماهير سلبية, وجماهير رجعية.فالجماهير شديدة التشابه تكون في أوقات مختلفة ملهمة بأهداف وأمزجة متباينة. من أجل ذلك فقط لا غنى عن منظمة مركزية للطليعة. (“أخلاقهم وأخلاقنا" صفحة 59)
الانفصال الصارم للعمال الثوريين بحزبهم الطليعي يسمح لهم بتبني تكتيكات مرنة للغاية خلال الممارسة النضالية المشتركة مع زملائهم من العمال. وكثوريين, إننا نصارح زملائنا العمال بإيماننا واعتقادنا بأن الثورة الاشتراكية هي الحل الوحيد لاحتياجات الجماهير, حتى في أثناء مشاركتنا ودعمنا لكل نضالات تحسين أوضاع الجماهير. ونحن نقوم بذلك انطلاقا من ايماننا بأنه كلما ناضل العمال لتغيير النظام الحالي, كلما رأينا بالدليل استعصاء الرأسمالية على الإصلاح. كما أنه ومن خلال تحقيق انتصارات خلال الصراع الطبقي, ستتحقق الطبقة العاملة من قدرتها على هزيمة الطبقة الرأسمالية وخلق مجتمع جديد.
الطبقة العاملة لن تصل لتلك الدرجة من الوعي من تلقاء نفسها. فمجموعات وشرائح الطبقة العاملة تتبنى أفكار مختلفة في مختلف الأوقات, وهو ما يحدث كنتيجة لتأثير اختلاف التجارب والخبرات. وعلى وجه الخصوص التأثير الوقائي الذي تمارسه الأرستقراطية العمالية على العمال الأكثر قهرا واستغلالا. ويعزز هذا التأثير الوقائي الاضطهاد العرقي والقومي, والذي يشجع عمال المجموعات المميزة على تبني موقف سياسي محافظ.
الصراع الطبقي يكسب العمال الخبرة اللازمة والتي من خلالها تتمكن مجموعات متزايدة من العمال من فهم الاستنتاجات الماركسية.
ان الصراع الطبقي يقدم الخبرات اللازمة التي تتمكن من خلالها مجموعات متزايده من العمال من الوصول لاستخلاص الاستنتاجات الماركسية. ولكن هذا يتطلب اتحاد العمال الاكثر تقدمية سياسية مع الشباب في حزب طليعي يناضلون فيه للفوز بدعم زملائهم العمال لبرنامجه الثوري. وكما لخص تروتسكي عندما قال:
تجتاز الجماهير تجاربها الخاصة التي تمكنها من الاختيار والتقدم على طول الطريق الثوري, ولكن إذا وجدوا حزب طليعي يقوم في كل مرحلة من مراحل النضال بشرح الوضع لهم وتوضيح الأهداف التي يجب الوصول إليها والوسائل التي يستخدمونها والمنظور النهائي للنضال. (كتابات 1933 و1934 صفحة 292)
أدت التجارب التاريخية الكبرى إلى فهم أهمية الحزب الطليعي, وقد لخص لينين وتروتسكي هذه الدروس بوضوح. ورغم ذلك, يستمر الارتباك الهائل حول هذه المسألة. وهذا ليس مستغربا من المجموعات الماركسية تحت ضغوط صغر حجمها وعزلتها عن الجماهير مما جعلها عرضة لخطر التوحد مع عزلتها وتتحول لفرق منغلقة على نفسها.
الخطر الآخر الذي يواجه المجموعات الثورية الصغيرة هو اغراء محاولة جذب جماهير من العمال قبل أن تضم الشريحة الاكثر وعيا سياسيا في طبقتها. الرسالة الاشتراكية الثورية لا يمكن توجيهها لجماهير العمال إلا حينما يشعروا بالفعل بقوتهم الاجتماعية خلال النضال الجماهيري, ويرفضوا الرأسمالية. وحتى في ذلك الوقت, سيظل ممكنا لقادة الاشتراكية الاصلاحية والوسطيين الذين يتأرجحون بين خطاب ثوري وسياسات اصلاحية أن يفوزوا بالنفوذ بين الجماهير. مما يدفع الثوريين الحقيقيين إلى إيلاء اهتمام أكبر بنضالات اليوم الواحد والقضايا التي تجذب العمال على حساب اهتمامهم بالدروس الثورية. هذا ما قد يؤدي بالثوار إلى التكيف مع تراجع الجماهير على حساب بناء حزب ثوري من طليعة العمال.
وقد تجلت هذه المشكلة بالفعل للينين ولاحقا لتروتسكي. فقد تطلبت فهم واضح جدا لمختلف انشطة الثوار في بناء الحزب وقيادة الثورة.
أولا, هناك فرق بين الاستراتيجية العاملة للثورة الاشرتاكية العالمية وبين التكتيكات المستخدمة لتطوير النظال اليومي للعمال وتوجيهه نحو الهدف. وثانيا, هناك العديد من الطرق المختلفة التي يعالج بها الثوريون الطليعة العمالية والجماهير الاكثر رجعية.
وقد أولى الماركسيون عناية كبيرة بهذين النوعين من التواصل السياسي مثل الدعاية والتحريض. وقد طور بلخانوف مؤسس الماركسية الروسية فهما علميا لها. ونقل عنه لينين في عمله الشهير حول بناء الحزب في كتاب "ما العمل؟" :
الداعية يقدم العديد من الأفكار إلى شخص واحد أو اكثر, أما المحرض فيتناول فكرة واحدة أو أكثر لكتلة كبيرة من الناس (لينين نقلا عن بليخانوف في "الأعمال" مجلد 5 صفحة 409)
الداعية يحاول إيصال رسالة معقدة ومتعددة الأوجه لعدد محدود من العمال الذين يبدون اهتماما لاكتساب فهم واسع عن أفكار الصراع الطبقي. أما المحرض فيحاول ايصال أفكار قليلة للجماهير التي في ذلك الوقت تكون متقبلة فقط للرسائل البسيطة. وكمثال, ستستمع جماهير العمال لتحريض الثوار لهم على إضراب, ولكن في الوقت نفسه سيستمع عدد أقل بكثير إلى الدعاية حول سبب تورط الرأسمالية في تلك الأزمة العميقة ولماذا الاشتراكية هي الحل الوحيد للطبقة العاملة.
مثال آخر ضربه لينين يبين كيف يكمل الدعاية والتحريض بعضهما البعض.:
كنا نظن (مع بليخانوف, وع جميع قادة حركة الطبقة العاملة العالمية) أن الداعية الذي "يتعامل مع" ويطرح" مسألة البطالة يجب أن يشرح الطبيعة الرأسمالية للأزمات وأسباب حتميتها في المجتمعات الحديثة, إلخ. أو باختصار يجب عليه أن يقدم العديد من الأفكار التي في الواقع سيفهمها ككل لا يتجزأ عدد قليل نسبيا من الأشخاص. أما المحرض الذي يتحدث في نفس الموضوع سيضرب مثالا بالحقائق الأكثر وضوحا ومعرفة لجمهوره, ويقول, موت اسرة أحد العاطلين من الجوع والفاقة والفقر المتزايد إلخ.. وعن طريق توظيف هذه الحقيقة المعروفة للجميع سيتمكن من توجيه جهوده لتقديم فكرة واحدة للجماهير, كمثال: لا عقلانية التناقض بين زيادة الثروة المصحوبة بزيادة الفقر, فسيسعى جاهدا لاثارة مشاعر الاستياء والسخط بين الجماهير ضد هذا الظلم الصارخ, ويترك الشرح الوافي لهذا التناقض للداعية. (ص409-10)
هذا الفهم للدعاية والتحريض أساسي وضروري لحل مشاكل بناء نواة صغيرة من الثوار بداخل الحزب الطليعي. فهي تساعدنا على تحديد أولوياتنا من الأنشطة, وعلى كيفية العمل بين الجماهير كما تساعدنا على فهم كيفية ضم الطليعة العمالية.
يجب أن تفهم المجموعات الثورية الصغيرة أنه بدلا من الانجرار وراء رجعية الجماهير فإن أولويتها هي الوصول للعمال ذوي الوعي السياسي الأكثر تطورا. فهذه الشريحة يجب عليها فهم أكثر الافكار الماركسية تعقيدا وتقبّل الحاجة لبناء حزب ثوري وتدريبهم كقادة ثوريين. هذه المهام تحدد إطار مرحلة الدعاية في بناء الحزب.
وكما كتب لينين:
طالما كانت ولا تزال مسألة كسب طليعة البروليتاريا لصف الشيوعية أولوية يجب على الدعاية انجازها,وحلقات الدعاية رغم ضيقها ومحدوديتها مفيدة في تلك الظروف. (مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية. الأعمال الكاملة مجلد 31)
العمل الدعائي داخل صفوف الطليعة العمالية يضع اساسا متينا يمكن الاعتماد عليه أثناء تحريض الجماهير وهو ما شرحه تروتسكي بوضوح حينما عرف الدعاية على انها "تعليم الكوادر" (القادة المدربين), والتحريض على انه "التأثير على الجماهير من خلال الكوادر" (الاعمال الكاملة كتابات 1935-36 صفحة 26)
وقال أيضا:
لا مفر من مرحلة الدعاية الفردية, فعندما يتهمنا الوسطيون بالطائفية نجيبهم: قاعدة العمل بين الجماهير تصبح مستحيلة بدون الحد الأدنى الكافي من الكوادر. وهذا هو السبب الوحيد لتمسكنا بتنشئة كوادر. (الاعمال الكاملة كتابات 1934-35 صفحة 216)
أغلب المجموعات اليسارية ترفض هذا التركيز على الطليعة العمالية وتحاول ان تجد طرق مختصرة للجماهير بدافع نفاذ الصبر أو حتى الانتهازية السياسية الصريحة. فإنهم يتطلعون لضم عدد أكبر من العمال "المغاوير" وتجنيدهم بدلا من وضع العامل صاحب المزاج الثوري او الاشتراكي كاولوية مما يجعلهم مضطرين لتقديم تنازلات سياسية بهف تحقيق ذلك. وكمثال كلاسيكي لهذا المنهج هو ماقامت به المنظمة الأممية الاشتراكية في الولايات المتحدة هي ومجموعات اخرى ذات الميول الاشتراكية الأممية حول العالم.
وعندما كان لينين يحارب ضد ميول اتباع برنشتاين المبكرة من أجل تقوية الحزب, رأى تحديدا هذا الاسلوب وراء سياسة الانتهازيين. فقال: "لا شئ يمكنه أن يكون أكثر خطورة واجراما, أكثر من الاستخفاف المضلل بالعمال ذوي الوعي المنخفض". وأدان اتباع برنشتاين في "تجاهلهم لمصالح ومتطلبات هذه الشريحة المتقدمة من العمال ورغبتهم في النزول لمستوى فهم الطبقات المنخفضة الوعي يمثل ضررا كبيرا" (لينين حول الحزب العلني صفحة 291, 292)
كما فصل في أماكن اخرى قائلا:
الجريدة التي تريد أن تصبح ناطقة باسم الاشتراكية الديموقراطية الروسية يجب عليها أن تكون على مستوى العمال التقدميين, ليس فقط يجب ألا تحط من مستواها بش كل مصطنع بل على العكس يجب أن ترفع مستواها باستمرار, يجب عليها تعقب المشاكل التكتيكية والسياسية والنظرية للديموقراطية الاجتماعية في العالم. عندئذ فقط ستتمكن من تلبية مطالب واحتياجات الطبقة العاملة المثقفة مما سيجعلها تمسك بيديها خيوط قضية العمال الروس والثورة الروسية ... العامل العادي لن يفهم بعض مقالات الصحيفة التي تريد أن تصبح ناطقة باسم الحزب, فهو لن يكون قادرا على استيعاب المشكلات النظرية والعملية المعقدة. ذلك لا يعني أبدا اضطرار الصحيفة إلى خفض مستواها ليناسب كتلة قرائها. بل يجب عليها على العكس من ذلك أن ترفع وعيهم وتساهم في ترقية وعي عمال تقدميين من الشريحة المتوسطة من العمال. (الميول الرجعية في الاشتراكية الديموثراطية الروسية, الأعمال الكاملة الجزء الرابع صفحة 281)
ولكن ليس كل مجموعات اليسار ترفض نهج حلقات الدعاية بنوايا انتهازية. فبعضهم يبرر ذلك من منطلق تجنب الانغلاقية خلال النضال العمالي وتجنبا للنظريات السلبية. وقد وضع لينين فروقا جوهرية وبارزة بين الدعاية كمرحلة من مراحل بناء الحزب وبين "حلقات الدعاية". فالمجموعة الماركسية في أول تعامل لها مع الأعضاء تمر غالبا (وإن لم يكن دائما) عبر مرحلة دراسية تسمى "حلقة الدعاية": وهي عبارة عن مجموعة تتسم بمشاركة ضئيلة أو منعدمة في النضال العمالي وتركز خصوصا على دراسة ومناقشة النظرية الماركسية. ويمكن لهذه المجموعة بسهولة التحول ل"طائفة" لأنها منعزلة ولا تنظر إلا للداخل. وفي ظروف مختلفة ربما لا يمكن تجاوز ضرورة مرحلة حلقات الدعاية تلك رغم مخاطرها وآثارها الجانبية. ورغم ذلك, فإن مرحلة الدعاية ككل خلال بناء حزب تختلف عن مرحلة حلقة الدعاية الاستهلالية الأكثر انغلاقا فيها.
إن مرحلة الدعاية لا تعني عدم العمل بين الجماهير. بل على العكس من ذلك, التحريض يزيد فرص نجاح الدعاية. فالأفكار التي نمت خلال الدراسة النظرية يجب ان تعززها خبرات الصراع الطبقي. وعلاوة على ذلك, فعمال الطليعة لن يولوا اهتماما للثوار الذين لا يستطيعون معالجة الصراعات الحالية أو يثبتوا عمليا أن الماركسية ضرورية لنطاق أوسع من العمال.
ويجب أن نحث عمال الطليعة باستمرار على تداول القيادة مع زملائهم من العمال. فالمهام الرئيسية للداعية الثوري هي الدعم الكفء لعمال الطليعة الذين يقودون زملائهم, وعرض التكتيكات التي يستخدمونها عندما يترددون, بالإضافة لاقناعهم بضرورة قيادة النظرية الماركسية والحزب الثوري للنضال من أجل الثورة الاشتراكية.
من الواجبات الضرورية لانجاح مرحلة الدعاية خلال بناء الحزب اتمام مهمة تكوين علاقات قوية بالتنظيمات الجماهيرية للطبقة العمالية مثل النقابات. فالمجموعة الثورية ان تزرع نفسها استراتيجيا بين العمال الأكثر وعيا سياسيا, وكذلك بين هؤلاء الذين سيكونون مركزا لنضالات المستقبل. وأهمية ذلك تأتي من تشكك العمال المبرر من الذين يأتون من خارج صفوفهم ليعبروا عن رأيهم عن الوضع داخل نقابتهم او مصنعهم. بل ومن غير المطروح احتمالية أن يثقوا في الأفكار أو الأشخاص الذين لم يعاينوهم ويختبروهم خلال نضالهم.
إن انشاء "حلقة اتصال" مع الطبقة العاملة لكي نصبح على اتصال وثيق مع حياتهم اليومية ونضال نطاقات أوسع من العمال شئ ضروري وملح خلال مرحلة الدعاية, وخصوصا لنقاوم العادات المرضية لحلقة الدعاية المهزولة. غالبا المجموعات الثورية تنشأ أولا في الشرائح المتميزة من الطبقة العاملة والارستقراطية العمالية والطلاب. ولو كان التنظيم غرضه مواجهة الضغوط التافهة في حياة الطبقة المتوسطة, فيجب حتما عليه أن يستقطب العمال ويخترق بجذوره طبقات الكادحين والأكثر ظلما.
خلال مرحلة الدعاية في بناء الحزب, يخضع التحريض للدعاية. فالأعمال التحريضية لمجموعة الدعاية يجب أن تخدم الغرض الأساسي من استهداف واستقطاب جمهور من الطليعة العمالية لصالح دعوة الحزب الثوري وإثبات تلك الأفكار عمليا.
عندما استولى ستالين على الأممية الثالثة أواخر العشرينيات, قاد تروتسكي نضالا لبناء مجموعات جديدة من الثوار أولا كمحاولة لاصلاح الأممية الثالثة ثم بدأت لاحقا في بناء حزب ثوري عالمي جديد سمي بالأممية الرابعة. وخلال اشرافه على تطويرها أوائل الثلاثينيات فإنه قد كتب هذا النص تحديدا كوجهة نظر لتطوير مجموعات الدعاية الموجهة للطليعة العمالية ونضالاتهم:
قوتنا في مرحلة ما تكمن في .. تشخيص ثوري صحيح. هذه الصفات هي أول ما يجب علينا تقديمه للطليعة البروليتارية. إننا في المقام الأول دعاة. ونحن أضعف كثيرا من أن نحاول تقديم حلول لكل القضايا أو ان نحاول التدخل في كافة الصراعات أو حتى من أن نصيغ شعارات وحلول المعارضة اليسارية في كل مكان. إن التعجل مع درجة كهذه من العالمية, في ظروف ضعفنا وقلة خبرة العديد من الرفاق سيؤدي لاستنتاجات طائشة جدا وشعارات غير حكيمة وحلول خاطئة. تلك الخطوات الخاطئة في التفاصيل الصغيرة ستضعنا في موقف فاضح لنا حينما نحرم العمال من ادراك المزايا الجوهرية في المعارضة اليسارية.
لكني بذلك لا أريد مطلقا أن أقول أننا يجب أن نتنحى جانبا خلال النضال الحقيقي للطبقة العاملة. لا شئ من هذا القبيل. يمكن للعمال التقدميون إدراك مزايا المعارضة اليسارية خلال خبراتهم الحية, لكننا يجب أن نتعلم كيفية اختيار القضايا الأكثر حيوية وإلحاحا واشتعالا ومبدئة والانخراط في النضال من أجلها دونما تشتيت في التفاهات والتفاصيل. وفي هذا تحديدا وكما يبدو لي يكمن الدور الأساسي للمعارضة اليسارية. ("أفكار حول المرحلة ومهام المعارضة اليسارية" كتابات ليون تروتسكي صفحة 297)
وقد أوضح تروتسكي مرارا أن إصراره على عدم القفز فوق مرحلة الدعاية لا يعني أبدا الامتناع عن النضالات الجماهيرية. كمثال ما نجده في خطابه للرابطة الشيوعية لاحدى المجموعات النضالية في امريكا عام 1932:
يجب أن تؤكدوا خصوصا على ضرورة مشاركة المعارضة اليسارية بفاعليه في حركة الجماهير ونضالات العمال عموما. ورغم ان المعارضة اليسارية اليوم في أغلب الدول لا تزال منظمات دعاية, إلا انها تقوم بنشر أفكارها بطريقة ماركسية لا طائفية على أساس مشاركة البروليتاريا في كل جوانب حياتها .. أغلب هذه القضايا المطروحة تحسمها الإمكانية الحقيقية الموجودة للمشاركة في النضال والتي تتأثر أيضا بخبرة الحزب وقدرته على الاستيعاب والمبادرة . (الإعمال الكاملة صفحة 106)
فيما بعد وفي جداله ضد مجموعة من الوسطيين سمت نفسها بـ(البراندليين), والتي انحدرت من جناح المعارضة اليمينيية في الأممية الثالثة وانتقدت تروتسكي على عدم وضعه النضال الجماهيري كأولولية, فكتب تروتسكي:
"بداية فإننا نؤسس لعناصر وشروط البلورة الماركسية داخل الحزب الرسمي. إننا نخلق كوادر. وكوننا فرقة ام لا لن يتم تحديده عن طريق عدد العناصر الملتفة حول رايتنا, ولا عن طريق نوعية هذه العناصر (فنحن لازلنا بعيدون جدا عن نقطة أن نكون جميعا على أرفع مستوى), وإنما سيتم تحديد ذلك عن طريق مجمل أفكارنا وبرنامجنا وتكتيكاتنا بل والمنظمة التي تستطيع مجموعتنا الخاصة إنشاءها للحركة. ولذلك ففي هذه المرحلة فإن النضال من اجل البرنامج والمبادئ الاستراتيجية يجب أن يكون أول أولويات المعارضة اليسارية. القول بأننا يجب أن نعبر عن احتياجات الجماهير, فنعارض بذلك تلك الحقائق البديهية للمعارضة اليسارية, لا ينتج عنه سوى سقوطنا في مستوى قاتل من الابتذال, إن مهمتنا تحديدا هي معرفة أي الأفكار التي نقدم نفسنا بها للجماهير, ومعرفة المنظور التي تطور بها مطالبها, بما في ذلك مطالبهم الجزئية.. في الوقت الذي بدأنا فيه لتونا في تأهيل وإعاة تأهيل الكوادر, يعارض البرادنلييون عملنا الضخم في تأهيل الكوادر. وهذا هو السبب في انهم لن يكون لديهم ولو كادر واحد. لأنهم لا يملكون أي مواقف محدده من القضايا الأساسية, وبالتالي فليسوا قادرين على تدريب وضبط كوادرهم, قاضيين وقتهم ي بتنفيذ صورة كاريكاتيرة للعمل الجماعي (القضاياالمبئية والعملية 1930-31 صفحة 252-253)
تصف العديد من المنظمات التروتسكية نفسها اليوم أنها مجموعات دعائية: فالخيار أمامهم ضيق حيث كان تروتسكي واضحا في حسمه لتلك القضية. لكن وخلال الممارسة العملية نجد تلك المنظمات – تتعالى على الجدل والنقاش النظري, وتنفر من الحديث عن الاشتراكية او الثورة أمام العمال, بل وتتأقلم مع البيروقراطية والأرستقراطية المتميزة بالتالي- كل ذلك يشير إلى أن أسلافهم التاريخيين يمكن العثور عليهم في مجموعات مثل البراندليين!
يمكننا أن نجد مثالا ممتازا لمنهج تروتسكي في بناء الحزب في التاريخ التروتسكي الأمريكي, في تقرير مثالي عن بناء الحزب الاشتراكي العمالي كتبه جيمس كانون. نقاط ضعف الكتاب في المقام الأول تجنبه البحث القيق عن الأخطاء التي ارتكبها التروتسكيين في أمريكا, إلا أن قوة الكتاب تكمن في تلخيصه الاتجاه الذي اعطاه تروتسكي لتلاميذه, بما في ذلك تقديمه لتفسيرات واضحة وجلية عن مرحلة الدعاية في بناء الحزب.
بدأ جيمس كانون وصفه لمراحل بناء مجموعة تروتسكية عن طريق شرح الفهم الماركسي للدعاية والتحريض مستشهدا بالتحديد على العبارات السابقة الخاصة ببليخانوف ولينين وتروتسكي. ثم يصف بعد ذلك كيف قرر التروتسكيين انهم لن يتستطيعوا التوجه مباشرة للجماهير قبل بناء مجموعة دعائية موجهة في الأساس للطليعة العمالية. وفي ذلك الوقت, فإن الطليعة العمالية الأكثر تطورا والتي تمنى تروتسكي تجنيدها كانت موجودة في الحزب الشيوعي. وقد لاحظ كانون أن صحيفة تروتسكي
... موجهة بصورة مباشرة إلى أعضاء الحزب الشيوعي. لم نحاول تجويل العالم كله. إننا نوصل رسالتنا أولا لهولاء الذين نعتبرهم طليعة, هؤلاء الذين يبدون اهتمام أكثر بأفكارنا. إننا نعلم جيدا ضرورة تجنيد الطليعة الأولى في الحركة من صفوف الحزب الشيوعي ... يجب ليس أمامنا سوى خياران, أن نولي وجوهنا شطر الحزب الشيوعي, أو ندير وجوهنا بعيدا عن الحزب الشيوعي تجاه الجماهير المتأخرة الغير منظمة أو مدربة..
تتلخص المشكلة في فهم الوضع الفعلي, مرحلة التطور في هذا الوقت. بالطبع علينا أن نجد طريق للجماهير يمكننا من انشاء حزب يستطيع قيادة الثورة. لكن الطريق إلى الجماهير يمر خلال الطليعة لا فوق رؤوسها. وهذا ما لم يفهمة البعض. فتصوروا أن بإمكانهم تخطي العمال الشيوعيين, والفقز فوقهم والنفاذ لقلب الحركة الجماهيرية نفسها ليجدوا هناك أفضل مرشحين لأكثر مجموعة تطورا وتقدما نظريا في العالم, التي ستصبح المعارضة اليسارية لطليعة الطليعة. إن هذا التصور الخاطئ ناتج عن نفاذ الصبر وفساد التفكير. فبدلا عن ذلك, جعلنا الدعاية مهمتنا الرئيسية وليس التحريض.
لقد قلنا سابقا: إن مهمتنا الأساسية جعل مبادئ المعارضة اليسارية معروفة لدى الطليعة. دعونا لا نخدع انفسنا بفكرة التوجة للجماهير العظيمة الغير متعلمة الآن. يجب أن نحصل على كل ما هو متاح من المجموعة الطليعية, والتي تتكون من بعض عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الشيوعي والمتعاطفين معهم, وبلورة كوادر كافية من خلالهم. .. (صفحات 65-66, 86-87)
التروتسكيين في ذلك الوقت حاولوا ايجاد مداهل للحركة الجماهيرية, بغرض القتال جنبا إلى جنب مع أعضاء (ؤح) للفوز باحترامهم واهتمامهم. لكن غالبا ماكان الستالينيين يصدونهم. محدودين بحلقة صغيرة غير قادرة بالأساس على المشاركة في أي عمل جماعي, مهمة التروتسكيين, ووفقا لكانون "كانو يعملون من اجل نششر الكلمة, من أجل الاستمرار في الدعاية بمعناها الأضيق والأكثر تركيزا, والذي كان, نشر وتوزيع الأدب النظري" (صفحة 95و96)
بعد فترة طويلة من صراع طبقي ضعيف, بدات موجة من الإضرابات والاحتجاجات حوالي عام 1933. وظهرت منافذ للاتصال بالعمال, في البداية مع العاطلين, ثم مع النقابات بعد ذلك. وأدى الضغط المتزايد للنصال العمالي إلى خلق مجموعات جديدة وسطية تميل لليسار وأجنحة يسارية في الأحزاب القديمة كالحزب الاشتراكي الإصلاحي.
تزامنت هذه الأحداث مع قرار التروتسكيين بالتخلي عن محاولاتهم لاصلاح الأممية الثالثة, وابدء في بناء ااحزاب الثورية المستقلة والاممية الرابعة. في ذلك الوقت رفع تروتسكي شعار "التحول من حلقات الدعاية إلى العمل الجماهيري" مطالبا رفاقه بالبحث عن وجهات جديدة للمجموعات الحديثة من عمال الطليعة.
واستفاد التروتسكيين الأمريكان من الفرص الجديدة. ففي عام 1934قاموا بقيادة نقابة عمال الفنادق في نيويورك خلال اضراب عمال جميع الفنادق في المدينة. وفي وقت لاحق من العام, قاموا بقيادة أهم إضراب في هذا الوقت والذي لا يزال علامة فارقة في تاريخ النضال العمالي الامريكي: إضراب ساقوالشاحنات في مونوبوليس. فقد التحم التروتسكيين بحزبهم مع مجموعة اليسار الوسطي الذين كانوا لتوهم قد قاموا بقيادة اضراب تاريخي اخر في توليدو, مكونين باندماجهم حزب العمال. والذي دخل بدوره في الحزب الاشتراكي بهدف التأثير الجذري على العمال الأعضاء.
وبعد كل ذلك, وفي اواخر ثلاثينيات القرن الماضي, كان التروتسكيين أقوى ألف مرة. وكان تروتسكي في ذلك الوقت لا يزال يعتبر المنطمة الامريكية مجموعة دعائية (انظر دفاعا عن الماركسية صفحة 161) بما يثبت أن العامل المحدد لمجموعة الدعاية ليس حجمها وإنما تصديها لمهمة استقطاب الطليعة العمالية من اجل بناء الحزب.
رابطة الحزب الثوري, وبعد عشرون عاما من العمل الجاد والنضال المستمر, لا تزال في مرحة المجموعة الدعائية. ولا تزال مهمتنا الاولى هي تجنيد وتدريب عمال الطليعة.
لقد أرسينا في هذا الوقت الأسس النظرية الصلبة لعملنا في المستقبل. لقد قمنا بذلك في الوقت الذي وعلى حد علمنا لم توجد فيه اي مجموعات ثورية حقيقية موجوده, وحتى تلك التي قدمت نفسها باعتبارها مجموعات ماركسية كانوا مجرد مجموات هزلية من الطبقة المتوسطة تدعي الماركسية. ونحن لا نزال متمسكين بما لا يقل عن احياء النظرية الماركسية في صفحات مجلتنا هذه وفي كتابنا "حياة وموت الستالينية". وقد أثبتت نظريتنا صحتها عبر قدرتها على التنبؤ والشرح والتوجيه خلال أحداث عصرنا الكبرى. ومن انجازاتها الرئيسية تحليل اضمحلال الماركسية وطبيعة الستالينية وانهيارها, وجذور ووظيفة اداة الاضطهاد العنصري عند الرأسمالية, ودور الحزب الثوري في رفع الوعي الاشتراكي للطبقة العاملة.
لقد راكمنا خبرة ثرية من النضال الطبقي, وخصوصا خلال رفاقنا في النقابات, الذين تولوا مناصب منتخبة مثل ممثلين ومندوبين وأعضاء في فرق التفاوض للنقابات العمالية, وكذلك الذين نجحوا في دعم سياساتنا الاشتراكية الثورية. أيضا لعبنا دورا هاما من خلال رفاقنا حول العالم, كما تعلمنا الكثير من الصراعات الطبقية الكبرى.
ومع ذلك, فقد فشلنا في الاستقطاب في الولايات المتحدة. فقلة الخبرة الأخطاء تسببت في تفويت فرص عديدة لنا هنا وهناك. ولكن السبب الأساسي كان الإحباط الذي نال من الطبقة العاملة الأمريكية والعالمية عموما, والانكماش الذي صاحبها في حدة الصراع الطبقي, والذي حدّ من حجم منظمتنا وتسبب في عزلتها. فاستقطاب عدد كبير من العمال وتجذير قناعتهم بالأفكار الثورية يحتاج للارتكاز على خبرات صراع وانجازات النضال الجماهيري.
إن نضالات جماهير الطبقة العاملة تفتح الباب لفرص ضخمة لبناء الرابطة الاشتراكية الاممية كنواة للحزب الثوري. إننا فقط قادرون على الاستفادة من هذه الفرص إذا بذلنا كل جهدنا في الاستقطاب والتجنيد وتأهيل أنفسنا لاستثمار هذه النضالات عنما تتحقق.
لن تتدخر الرابطة الاشتراكية الاممية جهدا من اجل بناء منظمتنا, ونشر تأثيرها ومساعدة رفاقنا خلال نضالاتهم. إلا أننا يجب أن نواجهة حقيقة أننا لن نتمكن من إحداث أي تغيير أساسي في طبيعة منظمتنا الصغيرة والمنعزلة إلا بعدما تندلع نضالات الجماهير. كما سنتجنب بكل يقظة وحرص وقوعنا في فخ التكيف الطائفي العزلوي أو المحاولات الانتهازية للوصول للجماهير قبل ان نعمل على تجنيد العمال الأكثر وعيا فيهم, مسترشدين في ذلك بمنظورنا ومفهومنا عن مرحلة الدعاية. سنهئ انفسنا للاستفادة القصوى من أول اندلاع في الصراع القادم. ونظرا لمدى أهمية بناء قيادة ثورية لهذه النضالات, فإننا نشجع كل الشباب والعمال ذوي الميل الثوري للاتصال بنا ومناقشة أفكارنا.